د محمد عبد الخالق شريبة
في التوراة (في النسخ الموجودة حاليا) في سفر أشعياء الإصحاح 41: 29 و 42 من 1 إلى 17 :
41
:29 ها هم كلهم باطل وأعمالهم عدم ومسبوكاتهم ريح وخواء (يتحدث الله عن
قوم يصفهم ويصف أعمالهم بالباطل والضلال و ( المسبوكات ) إشارة إلى الأصنام
التي يصنعوها بأيديهم )
42:
1 هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج
الحق للأمم.( يتحدث الله عن عبده ومختارة الذي سيؤيده ويؤازره حتى يخرج
الحق للأمم )
42: 2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته.(إشارة إلى حسن أخلاقه وأنه لا يتحدث بصوت عال )
42: 3 قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفيء إلى الأمان يخرج الحق (إشارة إلى رحمته بالضعيف وتواضعه ).
42:4
لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته (الجزائر
جمع جزيرة ويقول قاموس الكتاب المقدس عنها أنها تعني الأراضي الجافة التي
تطل على مياه).
42 : 5 هكذا يقول الله الرب خالق السماوات وناشرها باسط الأرض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين عليها روحا .
42: 6 أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم.
42: 7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة.
42: 8 أنا الرب هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر، ولا تسبيحي للمنحوتات ( المنحوتات هي الأصنام المنحوتة ).
42:
9 هوذا الأوليات قد أتت والحديثات أنا مخبر بها قبل أن تنبت أعلمكم بها (
يخبر الله أنه هنا يتكلم عن أشياء مستقبلية يخبرنا بها قبل أن تحدث ).
42: 10 غنوا للرب أغنية جديدة تسبيحة من أقصى الأرض أيها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر(جمع جزيرة) وسكانها.
42:
11 لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع
من رؤوس الجبال ليهتفوا.(البرية هي الصحراء وقيدار أحد أبناء إسماعيل ووفقا
للتأريخ العربي كان
يسكن مكة وينسب له قبائل مكة –راجع الرحيق المختوم باب الحكم والإمارة في
بلاد العرب وباب نسب النبي – وسالع هو جبل بالمدينة ذكر في كتب السيرة
ومازال موجودا حتى الآن بالمدينة .
42: 12 ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر.
42: 13 الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف ويصرخ ويقوى على أعدائه.
42:
14 قد صمت منذ الدهر((في النسخة الإنجليزية: أمسكت (سلامي) منذ زمن طويل،
ويقول القاموس الإنجليزي للكتاب المقدس أنها مكتوبة في النسخة العبرية
(شيلاميم)، ومن المعلوم أن حروف كلمة شيلاميم أو شالوم بالعبرية هي نفس
الحروف التي تشتق منها كلمة الإسلام )).
42: 15 أخرب الجبال و الآكام و أجفف كل عشبها واجعل الأنهار يبسا وأنشف الآجام.
42:
16 وأسير العمي في طريق لم يعرفوها في مسالك لم يدروها أمشيهم اجعل الظلمة
أمامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الأمور افعلها ولا اتركهم.
42:
17 قد ارتدوا إلى الوراء يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون
للمسبوكات انتن آلهتنا.( يؤكد الله مرة أخرى أن هؤلاء العمي كانوا قبل
هدايتهم من عبدة الأصنام )
من هو عبد الله ومختاره الذي يتحدث عنه النص السابق ؟!
النص
السابق لا يمكن أن ينطبق إلا على النبي –صلى الله عليه وسلم-، فهو عبد
الله ومختارة الذي أخرج الحق للأمم وانتظرت الجزر شريعته، ولم يكل ولم
ينكسر حتى وضع الحق في الأرض وأرشد الناس إلى جميع الحق، فهو صاحب الشريعة
الكاملة التي أتمها الله في عهده، ولم يقبضه إلا بعد اكتمالها( لا يكل ولا
ينكسر حتى يضع الحق في الأرض )، ولذلك يقول الله تعالى في سورة المائدة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا).
والنبي-صلى الله عليه وسلم-هو الذي أخرج الحق لكل الأمم فهو صاحب الرسالة
العالمية لجميع أهل الأرض، ولذلك يقول الله تعالى للنبي في قرآنه (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)…ويقول أيضا (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)..
وهو
الذي عصمه الله من المشركين حتى بلغ رسالته، وأدى أمانته (فأمسك بيدك
وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم).. ولذلك يقول الله في قرآنه مخاطبا
نبيه (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ)..
والنبي-صلى
الله عليه وسلم- هو الذي أخرج الناس من ظلمة الشرك وعبادة الأصنام
والمنحوتات إلي عبادة الله الواحد (أنا الرب هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه
لآخر، ولا تسبيحي للمنحوتات).
والنص
السابق لا ينطبق على المسيح عليه السلام الذي لم يدع أنه قد أخرج كل الحق
للأمم؛ بل قال قبل رحيله ( إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم لكن لا
تستطيعون أن تحتملوا الآن وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع
الحق )كما ورد في إنجيل يوحنا..
كما أن المسيح أخبرنا أنه لم يأت إلا لهداية بني إسرائيل كما جاء في إنجيل متى( لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة)..
وكلمة
(وضعت روحي عليه) تعنى النصرة والتأييد من الله ، وهى عامة لجميع الأنبياء
، ولا يختص بها المسيح من دونهم ، ومثال ذلك ما جاء في الكتاب المقدس
(وكان روح الله على عزريا بن عوديد)، وأيضا ما جاء في الكتاب المقدس في سفر
العدد(يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء إذا وضع الله روحه عليهم).
ومن
المعلوم أيضا أن دعوة المسيح لم تظهر في الديار التي سكنها قيدار وهي مكة
!! ولا رفعت بها الصحراء صوتها!!… كم أنها قد ظهرت في بني إسرائيل، وهي أمة
كتابية ليست من عبدة الأصنام مثل أهل مكة الذين بعث فيهم النبي-صلى الله
عليه وسلم-.. بل إن المسيح قد بعث في بني إسرائيل في وقت كانوا قد تخلصوا
فيه من الوثنية وعبادة الأصنام تماما..
ولو
افترضنا أن النص يتحدث عن المسيح عليه السلام؛ فهو بذلك يثبت أن المسيح
عليه السلام هو عبد لله، وليس ابنا له أو شريكا معه في الألوهية(هو ذا عبدي
الذي أعضده).
والمفاجأة
التي وجدناها في النص عند قراءته في النسخة الإنجليزية ( وما أكثر
المفاجآت عند مقارنة النسخة العربية بالنسخة الإنجليزية ! ) هو أن كلمة (
الأمم ) الواردة في النص ليست ترجمة لكلمة(nations) كما هو متوقع ، ولكن الكلمة الواردة في النسخة الإنجليزية هي(gentiles) ،
وتترجم بالعربية إلى الأمميين .. ويقول قاموس الكتاب المقدس عن هذا اللفظ
أن اليهود يستخدمونه على الأمم الأخرى من غيرهم، فهم يعتبرون أنفسهم حملة
الرسالات وشعب الله المختار، ويقول أيضا أن اليهود يستخدمونه كمصطلح
لاحتقار الأمم الأخرى من غير اليهود باعتبارها أمم وثنية.. وبالطبع يرفض
النصارى هذا التقسيم باعتبارهم أيضا من أهل الكتاب، وهذا هو الحق عند
المسلمين وهو أن هذا اللفظ كان يستخدم لوصف الأمم من غير أهل الكتاب قبل
ظهور الإسلام كما يخبرنا القرآن الكريم:
(وَقُل
لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ
أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ
الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).آل عمران 20.. (وَمِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ
وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ
مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ
عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ)آل عمران: 75..
وهم الذين بعث فيهم النبي –صلى الله عليه وسلم- ( هو الذي بعث في الإنجيل)..(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ) ..الأعراف 157.. (فَآمِنُواْ
بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ
وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)الأعراف
158..والصفات السابقة هي تقريبا نفس الصفات التي وردت في النص الذي رواه
الإمام البخاري في صحيحة عن عطاء بن ياسر أنه قال: لقيت عبد الله بن عمرو
بن العاص قلت: أخبرني عن صفة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في التوراة،
قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: (
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي
ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يدفع
بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء
بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا
).
ما هي التسبيحة الجديدة التي من أقصى الأرض ؟
إنها
إعلان برسالة جديدة مكان خروجها هو أقصى الأرض بالنسبة للقدس وهو الجزيرة
العربية، إذ أن أقصى القدس جزيرة العرب، وأقصى جزيرة العرب القدس، لذلك
يقول الله تعالى في كتابه الكريم (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد
الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا).. وأقصى الأرض
كما هو واضح من النص هو مكان خروج هذه الرسالة وليس مجرد مكان تصل إليه.
ما هي البرية ومدنها، وما هي الديار التي سكنها قيدار ومن هم سكان سالع؟
البرية
هي الصحراء، والديار التي سكنها قيدار هي مكة، وسكان سالع هم سكان جبل سلع
بالمدينة المنورة(لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال).. كما أن ذكر هذه
الأماكن لا يمكن أن يكون إشارة إلى أماكن ستنتشر فيها المسيحية لأن
المسيحية انتشرت في اليمن أي في جنوب الجزيرة العربية وليس في هذه
الأماكن..
من هم العمي الذين ساروا في طريق لم يعرفوها، وكان الله معهم ولم يتركهم ؟
إنهم
المؤمنون بالدين الجديد، ومتبعي الرسالة، الذين أبصروا في نور الإسلام،
بعد أن كانوا عميا في الجاهلية التي زاغوا فيها عن التوحيد، وارتدوا فيها
إلى الوراء، وعبدوا المنحوتات، وقالوا للمسبوكات أنتن آلهتنا..
وكيف ترفع البرية صوتها، وتخبر بالتسبيح في الجزائر ؟
إنما
يكون ذلك برفع الآذان، والنداء (الله اكبر الله اكبر) يسمعها سكان الصحراء
وما حولها…و ( الجزائر ) كما ذكرنا هي الأراضي الجافة التي تطل على مياه،
ولابد أن تكون بالجزيرة العربية لأن الصوت سيصلها من أماكن عربية أيضا..
ما المقصود بقوله الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ؟
إنها
عشرات الحروب التي تم خوضها لإخراج الناس من الكفر إلى الإسلام، وليس أدل
على ذلك من أن صاحب الرسالة قد وصل عدد الغزوات التي خرج إليها بنفسه-صلى
الله عليه وسلم- كان سبعا وعشرين غزوة في سبع سنوات فقط من أجل نشر التوحيد
وإعلاء الحق في الأرض.
وماذا يكون شيلاميم الذي أمسكه الله منذ زمن طويل ؟
إنه
دين التوحيد –الإسلام- الذي بعث الله به جميع الأنبياء إلى البشر، فزاغوا
عنه، وأشركوا مع الله آلهة أخرى؛ فكان لابد من بعثه ونشره مرة أخرى بعد
ضلال الناس عنه، وانقطاعه من على الأرض زمنا طويلا !!.. وحمل الكلمة على (
الإسلام ) هو الأظهر للنص، والأوضح للمعنى، ولا يستقيم السياق إلا به؛
فالله يقول: أمسكت الإسلام منذ زمن طويل وغاب التوحيد عن الأرض، لذلك سأخوض
الحروب وأخرب الجبال والآكام من أجل إظهاره مرة أخرى، وأما حملها على
(السلام) فإنه يكون مناقضا للمعنى، ومخالفا للنص؛ فكيف يقول الله إذن
أمسكت السلام منذ زمن طويل لذلك سأخوض الحروب وأخرب الجبال والآكام ؟!!
من
كانت عنده إجابة لهذه الأسئلة غير تلك الإجابات فليأت بها؛ مثل أن يكون
هناك نبي قد أخرج الحق للأمم وانتظرت الجزر شريعته وحفظه الله وعصمه من
الناس حتى وضع الحق في الأرض وقضى على عبادة الأصنام والمنحوتات وجعله الله
نورا للأمميين وخرجت دعوته من الصحراء، في الديار التي سكنها قيدار وهي
مكة، ورفعت بها الصحراء صوتها، وهتف بها من الجبال سكان سالع بالمدينة، بعد
أن عبدوا الأصنام والمنحوتات، واشتهر بكثرة حروبه وغزواته – غير محمد صلى
الله عليه وسلم !!!!!!!!!! ( كما أن النص السابق ينطبق على النبي – صلى
الله عليه وسلم- ورسالته إذ أن كل الصفات منطبقة عليه تماما ولا يمكن حملها
على أحد غيره، فبنفس القوة أيضا ينتفي أن يكون النص يشير للمسيح عليه
السلام إذ لا يمكن بحال من الأحوال حمل الصفات الواردة في النص عليه..
وبرغم ذلك فقد ورد في الإنجيل أن النص السابق يخص المسيح عليه السلام !! ،
فقد ورد في إنجيل متى 12 : 17 (لكي يتم ما بإشعياء النبي القائل هو ذا فتاي
الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم)..
ويبدو أن كاتب الإنجيل تحرج من استخدام كلمة (عبدي) التي وردت في سفر
أشعياء فاستبدلها في إنجيل متى بكلمة (فتاي) !! ...... فهل يخرج علينا بعد
ذلك من أهل الكتاب من ينكر تحريف الأناجيل ؟!! .. وبعد قراءة النص السابق
القاطع بنبوة الرسول –صلى الله عليه وسلم-.. هل سيتدبرون القرآن ؟! .. أم
ما زالت على قلوب أقفالها ؟!! )