تابع معنا
بيعته رضي الله عنه :-
ذكر البخاري قصة طويلة في مقتل رضي الله عنه حتى وصل الى أنه قيل لعمر رضي الله عنه أوص ِ يا أمير المؤمنين ..
قال : ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ٍ فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبدالرحمن بن عوف .
وقال :
( يشهدكم عبدالله بن عمر وليس له من الأمر شيء فإن أصابت الغمرة سعدا فهو ذاك والا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم اعزله عن عجز ولا خيانة )
عند ذلك اجتمعوا رضي الله عنهم و أرضاهم فقال عبدالرحمن اجعلوا أمركم الى ثلاثة منكم .
فقال الزبير : جعلت أمري الى علي .
وقال طلحة : جعلت أمري الى عثمان .
وقال سعد : جعلت امري الى عبدالرحمن بن عوف .
وهكذا تنازل ثلاثة : تنازل طلحة والزبير وسعد بن ابي وقاص .
وبقي الثلاثة : عثمان و علي و عبدالرحمن .
فقال عبدالرحمن : أيكما تبرأ من هذا الامر فنجعله اليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فأسكت الشيخان .
فقال عبدالرحمن بن عوف : أفتجعلونه اليّ والله عَليَّ أن لا آلو عن فضلكما .
قالا : نعم .
قال : فأخذ بيد أحدهما فقال :
لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم في الإسلام ما قد علمت .. فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن .. ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن .
ثم خلا بالآخر وهو عثمان فقال له مثلك ذلك .
فلما أخذ الميثاق قال :
ارفع يدك يا عثمان فبايعه وبايع له علي وولج أهل الدار فبايعوه
.( رواه البخاري )
وهناك تفصيلات أخرى في الصحيح أن عبدالرحمن بن عوف جلس ثلاثة أيام يسأل المهاجرين والانصار حتى قال رضي الله عنه :
والله ما تركت بيتا من بيوت المهاجرين والأنصار الا وسألتهم فما رأيتهم يعدلون بعثمان أحدا .
( صحيح البخاري )
أي أن هذا الأمر لم يكن مباشرة في البيعة وانما جلس بعد أن اخذ العهد عليهما ثلاثة أيام بعد ذلك اختار عثمان .
وللأسف أن نجد من بعض الناس أنهم يعرضون عن هذه الوراية الصحيحة من البخاري رحمه الله ويأخذون البرويات الباطلة لابي مخنف الرافضي الكذاب ..
فأجتمع الناس على بيعة عثمان وبايعوه .. وهو أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي بكر وعمر لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال :
ما كنا نعدل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان .. ثم نترك بقية اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم .
(صحيح البخاري )
وفي رواية الطبراني أنه قال :
وكان رسول الله يسمعنا ولا ينكره .
( معجم الطبراني وقال الألباني اسناده صحيح )
قال عبدالله بن مسعود عن بيعة عثمان :
ولينا اعلاها ذا فوق .
(السنة للخلال )
ولذلك قال الإمام أيوب بن أبي تميمة السخيتياني و الإمام أحمد والدارقطني :
من قدم عليا على عثمان فقد أزرى بيتل من بيوت المهاجرين والانصار .. وذلك لأن عبدالرحمن بن عوف قال : ما تركت بيتا من بيوت المهاجرين والأنصار الا طرقته فما رأيت أحدا يعدل بعثمان شيئا كلهم يفضلون عثمان رضي الله عنه و ارضاه .
وبويع عثمان رضي الله عنه بالخلافة بيعة عامة .
قال الإمام أحمد بن حنبل :
ما كان في القوم أوكد بيعة من عثمان كانت بإجماعهم
( السنة للخلال )
وكلهم بايع عثمان بلا رغبة بذلها ولا رهبة ؛ فإنه لم يعط أحداً على ولايته لا مالا ولا ولاية.
وعبد الرحمن الذي بايعه لم يولّه ولم يعطه مالا.
وكان عبد الرحمن من أبعد الناس عن الأغراض، مع أن عبد الرحمن شاور جميع الناس،
ولم يكن لبني أمية شوكة، ولا كان في الشورى منهم أحد غير عثمان.
مع أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا كما وصفهم الله عز وجل
( يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَومَةَ لاَئم().
وقد بايعوا النبي على أن يقولوا الحق حيثما كانوا، لا يخافون في الله لومة لائم، ولم ينكر أحد منهم ولاية عثمان،
بل كان في الذين بايعوه عمّار بن ياسر وصهيب وأبو ذر وخبّاب والمقداد بن الأسود وابن مسعود.
وقال ابن مسعود : ولّينا أعلانا ذا فوق ولم نألُ.
وفيهم العباس بن عبد المطلب، وفيهم من النقباء مثل عبادة بن الصامت وأمثاله، وفيهم مثل أبي أيوب الأنصاري وأمثاله.
فلولا علم القوم أن عثمان أحقهم بالولاية لما ولّوه. وهذا أمر كلما تدبّره الخبير ازداد به خبرة وعلما، ولا يشك فيه إلا من لم يتدبره من أهل العلم بالاستدلال، أو من هو جاهل بالواقع أو بطريق النظر والاستدلال.
ولهذا لم يتولّ بعد عثمان خير منه ولا أحسن سيرة، كما أنه لم يتولّى بعد عليّ خير منه، ولا تولّى ملك من ملوك المسلمين أحسن سيرة من معاوية رضي الله عنه، كما ذكر الناس سيرته وفضائله
وقد حكم عثمان رضي الله عنه بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثنتي عشرة سنة ..
وكان عمره سبعين سنة عندما تولى الخلافة وقتل في الثانية والثمانين من عمره رضي الله عنه و أرضاه .
يتبع ان شاء الله