المذهب الشافعي
مؤس المذهب
الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، الإمام ، عالم العصر ، ناصر الحديث ، فقيه المِلَّة أبو عبد الله القرشي ثم المطلبي الشافعي المكي ، الغزي المولد ، نسيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وابن عمه ، فالمطلب هو أخو هاشم والد عبد المطلب .
ولد بغزة 150هـ وتوفي 204هـ فهو أقصر الأئمة عمراً.
شيوخه
انتقل الإمام إلى مكة صغيرا فلازم بها عالم الحرم مسلم بن خالد الزنجي ولم بلغ خمس عشرة سنة أذن له مسلم بالإفتاء، ثم انتقل إلى المدينة فتلقى العلم عن مالك بن أنس، إمام أهل الحديث ، ثم ولي عملا باليمن فانتقل إليه وهناك تفقه على عمر بن أبي سلمة صاحب الأوزاعي فقيه الشام ويحيى بن حسان صاحب الليث بن سعد فقيه مصر، وقد وشي به في اليمن فنقل إلى العراق وهناك شفع له محمد بن الحسن الشيباني صاحب إبي حنيفه فأطلق سراحه ولازم محمدا الشيباني فترة فأخذ عنه علم أهل الرأي . وبهذا يكون الشافعي قد جمع علم مكة والمدينة والشام ومصر والعراق،
تلاميذ الشافعي:
بعد هذه المرحلة انتقل الشافعي إلى مكة وأخذ في التدريس ثم انتقل إلى العراق ثم رجع إلى مكة ثم عاد للعراق واستقر بها حتى خرج منها في آخر حياته إلى مصر ومات بها،وقد كان للشافعي تلاميذ كثر منهم من استقل بمذهب في الاجتهاد كأحمد بن حنبل والثوري ، ولكن الذين يهمنا ذكرهم التلاميذ الذين نشروا المذهب وهؤلاء قسمان : قسم تلقى علمه وآراءه التي قال بها قبل سفره لمصر وهم رواة رأيه القديم وأشهرهم
1- الحسن بن محمد الزعفراني ت 260.
2- الحسين بن علي الكرابيسي ت248.
وقسم تلقى علمه بمصر وهم رواة الجديد وأهمهم
1. أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي ت231 خليفة الإمام الشافعي والذي جلس للتدريس في حلقته بعد وفاته.
2. أبو إبراهيم اسماعيل بن يحيى المزني ت264 وهو إمام مجتهد في المذهب له مختصر معروف باسم مختصر المزني
3. أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي ت270 راوية المذهب فهو الذي روى كتب الشافعي ومن طريقه وصلت إلينا.
الأطوار التي مر بها المذهب الشافعي
مر المذهب الشافعي بأربعة أطوار رئيسة هي ك-
1- طور التاسيس
2- طور النقل
3- طور التحرير
4- طور الاستقرار
أولا: طور التأسيس:وهو عصر الإمام الشافعي، ويتميز الإمام الشافعي بأنه الإمام الوحيد الذي دون فقهه بنفسه، وقد تميز فقه الشافعي بما يعرف بالقول القديم والقول الجديد، فالقول القديم هو الآراء التي صرح بها الشافعي في بغداد استنباطا من علمه الذي تلقاه عن أساتذته الحجازيين والعراقيين، أما القول الجديد فهو كل ما ألفه أو قاله بعد دخوله مصر. وأهم رواة القديم الزعفراني والكرابيسي، وأهم رواة الجديد البويطي والمزني والربيع المرادي.
موازنة بين القديم والجديد
وردت عن الشافعي نصوص تمنع رواية القديم على أنه مذهب للشافعي كقوله لايحل عد القديم من المذهب وكقوله لا اجعل في حل من رواه. لكن المحققين من الشافعية فصلوا المسالة فقالوا: يعتبر القديم مذهبا في حالين: الأول:إذا عضده نص حديث. والثاني: إذا لم يخالفه الإمام في الجديد أو لم يتعرض له. وما عدا ذلك فكل مسألة للشافعي فيها قولان فالجديد هو المذهب، وبالاستقراء وجد أن هناك 14 إلى 30 مسالة يعتبر القديم فيها مذهبا. والله اعلم.
الطور الثاني: طور النقل
توفي الإمام الشافعي وقام تلاميذه بدور نقل المذهب وتدريسه وعلى راس هؤلاء البويطي خليفة الشافعي ، ولم يكتف التلاميذ بالنقل بل قاموا بتوسيع المذهب بالاجتهاد في الفروع الجديدة كما فعل المزني.
وقد عرفت طريقتان في نقل المذهب وتدريسه ونشره، الأولى: طريقة العراقيين، والثانية: طريقة الخراسانيين أو طريقة المراوزة:
أما طريقة العراقيين فقد أخذت عن الربيع والمزني، أخذها عنهم أبو القاسم الأنماطي (ت288) وهو محور انتشار المذهب الشافعي ببغداد ومن بعده تلميذه أبو العباس بن سريج (ت 306) الذي انتشر المذهب عن طريقه في معظم الآفاق ، ثم جاء تلميذه الإمام محمد بن علي بن إسماعيل القفال الكبير الشاشي (ت365) فنشر فقه الشافعي فيما وراء النهر. حتى جاء أبو حامد الاسفرائيني فسلك طريقة في التدوين عرفت بطريقة العراقيين وتبعه عليها عدد من العلماء منهم الماوردي (ت450)، والقاضي أبو الطيب الطبري (ت450)، والمحاملي (ت414). وظلت هذه الطريقة هي الطريقة الوحيدة وقولها هو المعتمد. حتى ظهور طريقة الخراسانيين.
أما طريقة الخراسانيين أو المراوزة فقد ظهرت على يد القفال الصغير المروزي شيخ الخراسانيين (ت417) الذي سلك طريقا جديدة في التأليف، وتبعه عليها جماعة لا يحصون أهمهم: أبو محمد الجويني (ت438)، والفوراني(ت461) والمسعودي(ت؟42) وانتهى فقه الشافعي إلى هاتين الطريقتين وأصبحت الكتب المعتبرة لاتعدوهما فمتى اتفقتا على رأي كان هو المعتمد في المذهب
ثم ظهر بعد ذلك من العلماء من لم يتقيد بمدرسة واحدة بل نقل من هذه وتلك،منهم العراقيون كالروياني(ت502) والشاشي(ت505) وابن الصباغ(ت477)، ومنهم الخراسانيون كإمام الحرمين الجويني(ت478) والغزالي(ت505) الذي ألف ثلاثة كتب مهمة هي الوجيز والوسيط والبسيط والمتولي(ت448). وبذلك تم الجمع بين الطريقتين وكان ذلك تمهيدا للدور الثالث وهو دور التحرير
الطور الثالث: طور التحرير
ظهر في هذا الطور عالمان إمامان اهتما بتحرير المذهب وبيان الراجح فيه وهما:
1- الإمام الرافعي
عبد الكريم بن محمد بن الفضل القزويني إبو القاسم الرافعي، توفي 624هـ، له العديد من المصنفات أهمها
Ø المحرر: وهو ماخوذ من الوجيز للغزالي ، وقد التزم الرافعي أن ينص على ما صححه معظم الأصحاب،
Ø الشرح الكبير والشرح الصغير : وهما شرحان لكتاب الوجيز للإمام الغزالي.
2- الإمام النووي
الإمام يحيى بن شرف الدين النووي صاحب التآليف المشهورة شيخ المذهب ومحرره توفي 676هـ
وأهم كتبه :
Ø منهاج الطالبين:وهو اختصار للمحرر إلا أنه يمتاز عن المحرر بذكر قيود المسائل وترجيح بعض الآراء. وهو اكثر تحريرا للرأي المعتمد من المحرر
Ø المجموع : وهو شرح لكتاب المهذب للشيرازي. جمع فيه كل القوال والأوجه ولو كانت واهية أو ضعيفة مع الاستدلال لها وترجيح الصواب.
وقد استقر المذهب في هذه الفترة على رأي الشيخين الرافعي والنووي فما اتفقا عليه فهو المذهب، فإن اختلفا فما جزم به النووي، ثم ما جزم به الرافعي.
الطور الرابع: طور الاستقرار
ظلت آراء الشيخين محور اعتماد المذهب حتى نبغ طائفة من العلماء أهمهم:
1- الشيخ زكريا الأنصاري ت926هـ
2- الخطيب الشربيني ت977هـ
3- الشهاب الرملي ؟97هـ
4- والجمال الرملي ت1004
5- ابن حجر الهيثمي 973
وقد انصبت جهودهم حول كتب الشيخين الرافعي والنووي ، وقد حظي منهاج النووي بالنصيب الأكبر من الاهتمام،
1- فاختصره زكريا الأنصاري في كتابه منهج الطلاب أو المنهج.
2- وشرحه الشربيني في مغني المحتاج.
3- وشرحه الجمال الرملي في نهاية المحتاج
4- وشرحه ابن حجر في تحفة المحتاج
وقد ادت اجتهادات هؤلاء إلى مخالفة آراء الشيخين في بعض المسائل مما استدعى مراجعة مدلول المذهب أو المعتمد في المذهب فأصبح كالتالي:
Ø أهل الشام والأكراد والداغستان يرون أن المذهب ماقاله ابن حجر في التحفة
Ø وعلماء مصر على مارجحه الرملي
Ø وأما علماء الحجاز فكانوا يرجحون ابن حجر حتى كثر أنصار الرملي بالحجاز فأصبحوا يذكرون القولين من غير ترجيح.
أهم اصطلاحات المذهب الشافعي
الشيخان: الرافعي والنووي
التحفة: تحفة المحتاج
المنهاج : منهاج الطالبين للنووي
الشرح: الشرح الكبير للرافعي
القديم: إشارة لآراء الإمام الشافعي التي قالها في بغداد.
الجديد: آراؤه التي قالها في مصر.
الصحيح والأصح: يشير الصحيح إلى وجود قولين في المسألة أحدهما ضعيف والآخر صحيح وهو المذكور
بينما يشير الأصح إلى وجود قولين في المسألة كلاهما صحيح، وعلى هذا يشير الصحيح لوجود خلاف ضعيف في المسألة والأصح لوجود خلاف قوي في المسالة.
منقول دعواتكم لمن اعده