الحمد لله رب العالمين,والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ساعة الإحتضار في حياة السلف هي ساعتنا التي سوف نمر بها.
فما منا إلا ميت,وما منا إلا محتضر,ولا منا إلا قادم على تلك الساعة,والله لنذوقنها ووالله لنشربنها...
فقد ذاقها الملوك والمملوكون,والرؤساء والمرؤوسون,والأغنياء والفقراء,وذاقتها الأمم جميعاً..
قال تعالى: {كل نفس ذائقة الموت}, وقال سبحانه{إنك ميت وإنهم ميتون}.
حضرت الوفاة عمرو بن العاص الذي يسمى أرطبون العرب لأنه كان داهية من الدهاة,ولكن لا حيلة في الموت...أبطل الموت حيلة الدهاة,وأعدم الموت قوة الأقوياء,فلما أصبح في سكرات الموت قال له ابنه عبدالله الزاهد العابد: يا أبتي صف لي الموت,فإنك أصدق واصف للموت! هو يذوق الموت, هو يشرب الموت, هو يزاول سكرات الموت.
قال: يا بني والله كأن جبال الدنيا على صدري,وكأني أتنفس من ثقب الإبرة.
انظر إلى الوصف!!
وأورد ابن رجب أن كعب الأحبار قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: صف لي الموت.
قال: يا أمير المؤمنين, ما مثل الموت إلا كرجل ضرب بغصن من شوك من سدر أو طلح فوقعت كل شوكة في عرق,فسحب الغصن فانسحب معها كل عرق في الجسم.
يقول سبحانه وتعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم*وأنتم حينئذ تنظرون*ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون*فلولا إن كنتم غير مدينين*ترجعونها إن كنتم صادقين}
إنه مصرع عظيم
وعند الترمذي بسند حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال(أكثروا من ذكر هاذم اللذات))
هاذم اللذات هو الموت, ومفرق الجماعات,آخذ البنين والبنات,الذي أتى بالبلايا والبليات فصرعهم في الحفر المظلمات.
أتيــت القبـــور فنـاديتهـــــا أين المعظم والمحتقر
تفانــوا جميــعا فمـــا مخبر وماتوا جميعا ومات الخبر
فيا سائلي عن أناس مضوا أما لك فيما مضى معتبر
تروح وتغدو بنــــات الثــرى فتنحو محاسن تلك الصور
أيها المسلمون..إن المطلوب منا قبل أن تدركنا سكرات الموت أمور:
أولها: أن نتذكر الموت صباحاً مساءً...وهذه غفلة وقعنا فيها يوم نسينا الموت,وما بعد الموت,ولقاء الموت, وغفلنا عن ذلك ووقعنا في المعاصي والشهوات والشبهات والمخالفات وإغضاب رب الأرض والسموات, حتى وجد من بعض الشباب أنك إذا ذكرته بالموت قال: دعنا نعيش نأكل ونشرب لا تكدر علينا أوقاتنا...
أيها اللاهي على أعلى وجل
اتــــق الله الــذي عــز وجــل
واستمع قولا به ضرب المثل
اعتزل ذكـر الأغاني والغــزل
وقل الفصل وجانب من هزل
قال تعالى: {حتى إذا جاء أحدكم الموت قال رب ارجعون*لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}
أسأل الله أن يزيد إيماننا ويقيننا بهذا اليوم حتى نستعد له حق الإستعداد.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.